هذه مرابح هذه
التجارة في الدار الآخرة، وهي مرابح باقية مستمرة، وهناك مرابح أخرى عاجلة في
الدنيا: هي أنه ينصركم على أعدائكم، ويفتح لكم بلادهم، وتستولون عليها، وتستغلون
خيراتها، وتسودون أهلها، وتكون لكم العزة والغلبة على أهل الدنيا: ﴿وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ
نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ﴾ [الصف: 13]. فهذا خير الدنيا
موصول بنعيم الآخرة لمن استجاب لهذا النداء الإلهي، وساهم في هذه التجارة.
عباد الله: إن الناس اليوم
يسرعون يسمعون إعلانًا عن مساهمة في أرض أو غيرها، فيقدمون أموالهم طمعًا في
الربح، يخاطرون بأموالهم، وهم لا يعلمون نتائج هذه المساهمة، ولا يتيقنون ثقة
المعلن وصدقه وأمانته، ثم هو بشر يعتريه النقص وعدم الخبرة، لكن مع هذا كله،
يتعامى الناس عن هذه المخاطر والمحاذير، ويغلبون جانب الطمع فيقدمون أموالهم التي
هي من أعز الأشياء عليهم؛ طلبًا لربح قد يحصل وقد لا يحصل، وإذا حصل فلا تعلم
عواقبه وآثاره. لماذا كل هذا؟ إنه لحب المال والرغبة في التجارة، فلماذا يتأخر
الكثير من الناس عن الاستجابة لهذا الإعلان الرباني؟! عن أعظم تجارة وأوفر ربح
وأحسن عاقبة، مع أن المعلن عن هذه المساهمة هو العليم الخبير، الرحيم بعباده الذي
يزيد الحسنات ويضاعفها بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ويغفر
الذنوب، ويستر العيوب، الذي لا يظلم نفسًا شيئًا ﴿وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَيۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَٰسِبِينَ﴾ [الأنبياء: 47]، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ
مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾ [النساء: 40].
إن سبب التأخر عن المساهمة في هذه التجارة التي أعلن عنها ربنا في كتابه الكريم، هو ضعف الإيمان وقلة اليقين، وإيثار الدنيا على