ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ
أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾ [النساء: 114]. أي: لا خير في كثيرٍ مما يسره القوم ويتناجون به
في الخفاء، إلا إذا تناجوا في صدقة يعطونها سرًا، أو أمر بطاعة الله، أو إصلاح بين
المتخاصمين في الدماء والأموال والأعراض، وكل ما يقع فيه التداعي بين الناس ﴿وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ
ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ِ ٱللَّهِ
فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾ أي: من فعل هذه الخصال الطيبة بعدما أمر بها الناس،
فجمع بين الأمر بالخير وفعله مخلصًا لله في ذلك، فله الأجر العظيم عند الله، وفي
هذا ترغيب في الإصلاح بين الناس، حتى أنه تسومح فيه بالكذب إذا كان فيه توصل إلى
الصلح؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي
يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا» ([1]) ومعنى «فَيَنْمِي
خَيْرًا» أي ينقل خبرًا فيه خير. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم من جملة
الصدقات التي يطالب بها الإنسان كل يوم العدل بين الاثنين المتخاصمين، حيث قال صلى
الله عليه وسلم: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ
يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ النَّاسِ صَدَقَةٌ...»
الحديث ([2]).
ومن أنواع الإصلاح: الإصلاح بين الزوجين المختلفين، قال الله تعالى: ﴿وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضٗا فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ أَن يُصۡلِحَا بَيۡنَهُمَا صُلۡحٗاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٞۗ﴾ [النساء: 128]. وقال تعالى: ﴿أَن يُصۡلِحَا بَيۡنَهُمَا صُلۡحٗاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٞۗ﴾ وذلك لأن الإصلاح بين الزوجين تنبني عليه البيوت، وتترابط به الأسر التي هي أسس المجتمعات البشرية، والفساد ما بين الزوجين يترتب عليه فساد البيوت وتفكك الأسر.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2546)، ومسلم رقم (2605).