وفيهما أيضًا عن ابن
عمر رضي الله عنهما: «أَنَّهُ مَرَّ بِنَفَرٍ قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً
يَتَرَامَوْنَهَا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ إِنَّ رَسُولَ اللهِ
صلى الله عليه وسلم لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هَذَا» ([1]). كما أنه يحرم حبس البهيمة
حتى تموت عطشًا أو تموت جوعًا، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأةً دخلت
النار «فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا فَلاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلاَ هِيَ
تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَْرْضِ» ([2]). وقد حث النبي صلى
الله عليه وسلم على الإحسان إلى البهائم ولو لم تكن في مِلكِ الإنسان، فعن أبي
هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دَنَا رَجُلٌ إِلَى
بِئْرٍ، فَنَزَلَ فَشَرِبَ مِنْهَا وَعَلَى الْبِئْرِ كَلْبٌ يَلْهَثُ،
فَرَحِمَهُ، فَنَزَعَ إِحْدَى خُفَّيْهِ، فَغَرَفَ لَهُ فَسَقَاهُ، فَشَكَرَ اللهُ
لَهُ، فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» ([3]). ووجوه الإحسان
كثيرة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ
أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا،
أَوْ كَرَى نَهَرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلاً، أَوْ بَنَى
مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ
مَوْتِهِ» ([4]).
أيها المسلمون: إن ديننا دين الرحمة والإحسان؛ عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَْرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» ([5]). وقال الله تعالى: ﴿لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ﴾ [يونس: 26]، وقد ثبت في صحيح مسلم تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله تعالى في الجنة، وهذا مناسبٌ لجعله جزاء أهل الإحسان؛ لأن الإحسان هو أن يعبد المؤمن ربه في
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5196)، ومسلم رقم (1958).