مصحوبين بالشياطين الموكلة بهم يسوقونهم إليها،
كما قال تعالى: ﴿أَلَمۡ
تَرَ أَنَّآ أَرۡسَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمۡ أَزّٗا﴾ [مريم: 83]، أي تزعجهم إلى المعاصي والكفر إزعاجًا، وتسوقهم سوقًا.
والله سبحانه خلق في
الآخرة للناس دارين: دارًا للعاملين بطاعته وهي الجنة، وقد جعل فيها كل شيءٍ مرضي،
وملأها من كل محبوبٍ، وجعل الخير بحذافيره فيها. وخلق دارًا للعاملين بمعاصيه وهي
النار، وأودعها كل شيءٍ مكروه، وجعل الشر بحذافيره فيها، فهاتان الداران هما دار
القرار، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ
ٱلۡأٓخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلۡقَرَارِ﴾ [غافر: 39].
وخلق سبحانه وتعالى
دار الدنيا، وجعلها محل تزودٍ واستعدادٍ للدار الآخرة، فاوجد سبحانه في هذه الدار
من آثار رحمته من الثمار والفواكه والطيبات والملابس الفاخرة، ما هو نفحةٌ من
نفحات الدار الآخرة التي جعل كل ذلك فيها على وجه الكمال، فإذا رآه المؤمنون
ذكَّرهم بما هناك من السرور والعيش الهنيء، فشمروا إليه وقالوا: «اللَّهُمَّ
لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآْخِرَةِ» ([1])، وعما قليل يصلون
إلى هذه الملذات في دارٍ لا تفنى ونعيمٍ لا يزول. كان بعض السلف إذا رأى ما يعجبه
في هذه الدنيا، وهو لا يستطيع الحصول عليه قال: موعدك الجنة. واجتهد في الطاعة
والعبادة.
وأوجد سبحانه وتعالى في هذه الدار من آثار غضبه ونقمته، من العقوبات والآلام والمحن والمكروهات، وما يُستدل بجنسه على ما في النار من العذاب والنكال، ومن أمثلة ذلك ما يأتي في الصيف من شدة الحر، وما يأتي في الشتاء من شدة البرد؛ فإنهما من آثار تنفس جهنم،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2801)، ومسلم رقم (1804).