واستمرءوا الانشقاق عن الجماعة، واستكبروا عن
عبادة ربهم في بيوته التي أذن أن ترفع ويُذكر فيها اسمه.
عباد الله: إن عبادة الله هي أوجب الواجبات، وآكد الحقوق، فحق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وكل رسولٍ أول ما يطالب به قومه: عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36]، وكل رسولٍ يقول لقومه: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥ﴾ [الأعراف: 59]، وقد وصف الله بـ«العباد» أكرم خلقه من الملائكة والرسل، وعبادة الله شرف وعز في الدنيا والآخرة، ومن لم يعبد الله صار عبدًا للشيطان الذي هو عدوه، قال تعالى: ﴿أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ ٦٠ أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ ٦٠﴾ [يس: 60، 61]. من لم يعبد الله صار عبدًا لهواه، قال تعالى: ﴿أَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ﴾ [الفرقان: 43]. ومن لم يعبد الله صار عبدًا للدنيا والدرهم والأطماع الدنية الرذيلة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيلَةِ» ([1]). فالإنسان عبدٌ ولا بد، فإما أن يكون عبدًا لله الواحد القهار، بامتثال أمره واجتناب نهيه، وفي ذلك عزه وشرفه وسعادته في الدنيا والآخرة؛ ويكون من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، وإما أن يكون عبدًا لغير الله من الشياطين والأهواء والشهوات والنزعات «والنزغات» ([2]) والأرباب
([1]) أخرجه: الطبراني في « الأوسط » رقم (2595)، والبيهقي في « الشعب » رقم (4289).