وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَلَا
تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا ٢٦ إِنَّ ٱلۡمُبَذِّرِينَ
كَانُوٓاْ إِخۡوَٰنَ ٱلشَّيَٰطِينِۖ وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورٗا ٢٧﴾ [الإسراء: 26، 27].
والمفسدة الثانية: أن في هذا إهانة النعمة
وإلقائها مع القاذورات، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى رفع كِسرَة
الخبز وأخذ التمرة من الطريق، وأمر بأخذ اللقمة إذا سقطت، وإزالة ما عليها من
الأذى ثم أكلها، وأمر بلعق الأصابع، ولعق الصحفة؛ لئلا يضيع شيء من نعم الله أو
يُمتهن، فكيف بالذي يهدر الأكوام من الطعام واللحوم وقد يلقيها مع الزبالة؟! إنها
لجريمةٌ عظيمةٌ ومنكرٌ ظاهرٌ تُخشَى عواقبه الوخيمة، ثم هذه الذبائح الكثيرة التي
تُذبَح في هذه الولائم لا من أجل الأكل لأن ذابحها يعلم أنها لن تُؤكل، وإنما
يذبحها للرياء والسمعة والتفاخر، وهي جريمةٌ أخرى تذهب فيها الحيوانات هدرًا،
والحيوان المباح لا يجوز ذبحه إلا للحاجة لأكله؛ لما روى ابن عمرو رضي الله عنهما
مرفوعًا: «مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ
حَقِّهَا، إِلاَّ سَأَلَهُ اللهُ عَنْهَا» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا حَقُّهَا؟
قَالَ: «يَذْبَحُهَا، فَيَأْكُلُهَا، وَلاَ يَقْطَعُ رَأْسَهَا فَيَرْمِي بِهِ»
([1]). «وأبو داود» ([2]) وفي حديثٍ آخر: «مَنْ
قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا عَجَّ إِلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: يَا
رَبِّ، إِنَّ فُلاَنًا قَتَلَنِي عَبَثًا، وَلَمْ يَقْتُلْنِي مَنْفَعَةً» ([3]).
فليتق الله هؤلاء الذين يأتون بالقطعان من الأغنام ويذبحونها في الولائم، ثم يلقون لحومها تذهب هدرًا وربما تُرمَى في الزبالة مع القاذورات والأنجاس، ألم تكونوا في الأمس القريب فقراء عالة لا تجدون في بيوتكم إلا القوت الضروري أو لا تجدون شيئًا؟!ـ
([1]) أخرجه: النسائي في « الكبرى » رقم (4841)، والحاكم رقم (7574).