فرأته أخته، ولم
تُظهِر أنها تعرفه بل قالت: ﴿هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰٓ أَهۡلِ بَيۡتٖ يَكۡفُلُونَهُۥ لَكُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ نَٰصِحُونَ﴾ [القصص: 12]. فذهبوا إلى
منزلهم، فأخذته أمه، فلما أرضعته، التقم ثديها، ففرحوا بذلك فرحًا شديدًا، وأجروا
لها مرتبًا من النفقة والكسوة، وجمع الله شملها بابنها، قال تعالى: ﴿فَرَدَدۡنَٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ
كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَ وَلِتَعۡلَمَ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ﴾ [القصص: 13]. ثم نشأ موسى عليه
السلام برعاية الله وحفظه في بيت فرعون، يتغذى بأطيب المآكل، ويلبس أحسن الملابس.
﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰٓ﴾ـ[القصص: 14] أي تكامل خَلْقُهُ
وخُلُقُه وفي سن الأربعين، آتاه الله حكمًا وعلمًا وهو النبوة والرسالة، ثم وجد
رجلين يقتتلان أي يتضاربان، أحدهما من بني إسرائيل شيعة موسى، والثاني من القبط
أعداء موسى، فطلب الإسرائيلي من موسى مناصرته على القبطي، فأجابه، وضرب القبطي
فمات على أثر الضربة، وعند ذلك أدرك موسى أنه قد أساء، فاستغفر ربه عز وجل فغفر
له.
ثم خاف من فرعون
وملئه أن يطلبوه من جراء ذلك القتل؛ فخرج من مصر إلى تلقاء مدين، وهي المدينة التي
أهلك الله فيها قوم شعيب، فوصل إليها، وبقي فيها، وتزوج هناك في مقابل رعايته
الغنم ثماني سنين أو عشر سنين، فلما أكمل الأجل، سار بأهله إلى أرض مصر.
وبينما هو في الطريق أكرمه الله برسالته وبعثه إلى فرعون فبلغه رسالة ربه، ولكنه عصى وتكبر وعاند وخاصم، فأقام موسى عليه الحجج والبراهين وعند ذلك عدل فرعون إلى استعمال القوة لصد الحق، فأمر الله نبيه موسى عليه السلام أن يخرج بمن معه من المسلمين إلى بلاد الشام، فخرج بهم ليلاً، فلما علم فرعون بخروجهم، غضب