الأمر بالتداوي،
وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها.
بل لا يتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها
قدرًا وشرعًا، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل... إلى أن قال: وفي قوله صلى الله
عليه وسلم: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ» ([1]) تقويةٌ لنفس المريض
والطبيب، وحثٌ على طلب ذلك الدواء والتفتيش عليه، فإن المريض إذا استشعرت نفسه أن
لدائه دواء يزيله تعلق قلبه بروح الرجاء، وبَرَدَ من حَرارة اليأس، وانفتح له باب
الرجاء، وكذلك الطبيب إذا علم أن لهذا الداء دواءً أمكنه طلبه والتفتيش عليه.
· والتداوي النافع على نوعين:
النوع الأول: التداوي بالآيات
القرآنية والأدعية النبوية التي تُقرَأ على المريض، فيُشفَى بإذن الله، إذا توافرت
الأسباب وانتفت الموانع من قبل الراقي والمرقي.
النوع الثاني: التداوي بالأدوية
المباحة التي خلقها الله تعالى، وأذن بالتداوي بها، فإنه لا شيء من المخلوقات إلا
وله ضد، فكل داءٍ له ضد من الدواء يعالج بضده، فإذا وافق الدواء الداء برأ بإذن
الله.
ولما أغنانا الله تعالى بالأدوية النافعة المباحة نهانا عن التداوي بالأدوية المحرمة، كالتداوي بالخمر، فقد سأل طارق بن سويدٍ النبي صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَمْرِ، فَنَهَاهُ أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ. فَقَالَ «إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» ([2]). وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2204).