×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

ورسوله، وقد وصف الله المشركين باتباع الهوى في مواضع من كتابه الكريم؛ قال تعالى: ﴿فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ [القصص: 50]. وأصحاب البدع إنما يحدثون بدعهم اتباعًا لأهوائهم المخالفة لشرع الله؛ ولذلك سمي المبتدعة بأصحاب الأهواء. والذين يحكمون بالقوانين الوضعية، ويعرضون عن شرع الله، إنما حملهم على هذا اتباع أهوائهم المخالفة لشرع الله؛ قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ [الجاثية: 18]، وقال تعالى: ﴿فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ [المائدة: 48]. ومن أطاع هواه في مخالفة أمر الله فقد اتخذه إلهًا من دون الله؛ قال تعالى: ﴿أَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيۡهِ وَكِيلًا [الفرقان: 43]، وقد قال تعالى: ﴿أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [الجاثية: 23].

وسائر المعاصي إنما تقع بسبب تقديم الهوى على محبة الله ورسوله، فالذي يترك الصلاة مع الجماعة من غير عذرٍ شرعي إنما يفعل ذلك اتباعًا لهواه، وشهوة نفسه؛ قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ [مريم: 59]. فهذا الذي يسمع الأذان، ولا يخرج للصلاة مع المسلمين إنما فعل ذلك إيثارًا للنوم والكسل، أو اشتغالاً باللهو واللعب، أو إيثارًا لجمع المال، وحطام الدنيا، والله تعالى يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ [المنافقون: 9]، ويقول


الشرح