وعرفوا حقيقتهم، أخذوا ينشرونها خفية ويغرون بعض
الجهال بنشرها وتوزيعها، وهذه الوصية باطلةٌ من عدة وجوهٍ:
أولاً: أن أحكام الدين،
والوعد والوعيد، والإخبار عن المستقبل، كل هذه الأمور لا تثبت إلا بوحيٍ من الله
إلى رسله، والوحي قد انقطع بموت الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ما أكمل الله به
الدين، وقد وَرَّث لنا الكتاب والسنة، وفيهما الكفاية والهداية. أما الرؤى
والحكايات فلا يثبت بها شيء؛ لأن غالبها من وضع الشياطين لإضلال الناس عن دينهم،
ومفتري هذه الوصية يعد من صدَّقها ونشرها بدخول الجنة، وقضاء حوائجه، وتفريج كربه،
ويتوعد من كذب بها بدخول النار، وأنه يسود وجهه، وهذا تشريع دينٍ جديدٍ، وكذبٌ على
الله سبحانه وتعالى، ونعوذ بالله من ذلك.
ثانيًا: أن مفتري هذه الوصية
جعلها أعظم من القرآن الكريم؛ لأن من كتب المصحف الشريف، وأرسله من بلدٍ إلى بلدٍ،
لا يحصل له هذا الثواب الذي قاله هذا الدجال: أنه يحصل لمن ينشر هذه الوصية، ومن
لم يكتب القرآن ويرسله من بلدٍ إلى بلدٍ لا يُحرَم من شفاعة النبي صلى الله عليه
وسلم إذا كان مؤمنًا، فكيف يُحرَم المؤمن من الشفاعة إذا لم يكتب هذه الوصية
ويرسلها من بلدٍ إلى بلدٍ كما يقول مفتريها؟!ـ
ثالثًا: أن هذه الوصية فيها ادعاء علم الغيب حيث جاء فيها: «إنه من الجمعة إلى الجمعة مات مائةٌ وستون ألفًا على غير دين الإسلام». فهذا من ادعاء علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله؛ فإنه هو الذي يعلم عدد من يموت على الإسلام، ومن يموت على الكفر، ومن ادعى علم الغيب فهو كافرٌ بالله.