×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

 ألم تسمعوا وعيد الله وإنذاره لكم بقوله: ﴿فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا ٥٩ إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ شَيۡ‍ٔٗا ٦٠ [مريم: 59، 60]، وقوله تعالى: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ ٤ ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ ٥ [الماعون: 4، 5] لقد فسر ابن عباس وغيره إضاعة الصلاة والسهو عنها، بأنهما تأخيرها عن وقتها، فكيف بمن يتركونها بالكلية، هؤلاء في سقر، وإذا قيل لهم: ﴿مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ ٤ قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ ٤٣ [المدثر: 42، 43].

وإذا كان العاملون بطاعة الله يخافون ألا تقبل منهم طاعتهم، كما قال الله تعالى عنهم: ﴿يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ [المؤمنون: 60]، فكيف لا يخاف العاصي أن يعاقب على معصيته؟! إن جهل هؤلاء بالله هو الذي حملهم على التمادي في معصيته. أما أهل المعرفة بالله فهم أهل خشيته، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُا [فاطر: 28]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلهِ، وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً» ([1])، «إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً» ([2]) وقال: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ تَعَالَى» ([3]).

إن خوف الله تعالى يحبس الإنسان عن المعاصي، ولو تمكن منها وكان خاليًا من الناس؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ [الملك: 12]. وخوف الله تعالى هو الذي يحمل


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1108).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (5750)، ومسلم رقم (2356).

([3])  أخرجه: الترمذي رقم (2312)، وابن ماجه رقم (4190)، وأحمد رقم (21516).