ألم تسمعوا وعيد الله وإنذاره لكم بقوله: ﴿فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ
خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ
غَيًّا ٥٩ إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ
يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ شَيۡٔٗا ٦٠﴾ [مريم: 59، 60]، وقوله تعالى: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ ٤
ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ ٥﴾ [الماعون: 4، 5] لقد فسر ابن عباس
وغيره إضاعة الصلاة والسهو عنها، بأنهما تأخيرها عن وقتها، فكيف بمن يتركونها
بالكلية، هؤلاء في سقر، وإذا قيل لهم: ﴿مَا
سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ ٤ قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ ٤٣﴾ [المدثر: 42، 43].
وإذا كان العاملون
بطاعة الله يخافون ألا تقبل منهم طاعتهم، كما قال الله تعالى عنهم: ﴿يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ
وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ﴾ [المؤمنون: 60]، فكيف لا يخاف
العاصي أن يعاقب على معصيته؟! إن جهل هؤلاء بالله هو الذي حملهم على التمادي في
معصيته. أما أهل المعرفة بالله فهم أهل خشيته، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ
مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُا﴾ [فاطر: 28]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَنَا
أَتْقَاكُمْ لِلهِ، وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً» ([1])، «إِنِّي
لَأَعْلَمُهُمْ بِاللهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً» ([2]) وقال: «لَوْ
تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا
تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ
تَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ تَعَالَى» ([3]).
إن خوف الله تعالى يحبس الإنسان عن المعاصي، ولو تمكن منها وكان خاليًا من الناس؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ﴾ [الملك: 12]. وخوف الله تعالى هو الذي يحمل
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1108).