×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثاني

 الخطبة الثانية

الحمد لله على فضله وإحسانه، أسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنة ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآ [إبراهيم: 34] فله الحمد والشكر، ونسأله المزيد من فضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليمًا.

·        أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله تعالى. بعض الناس قد يغتر بصحته أو بشبابه، فيفسح لنفسه في تناول شهواتها المحرمة، ويؤجل التوبة، إما اعتمادًا على سعة عفو الله، وإما استبطاء للأجل، وتمديدًا للأمل، وهذا من تغرير الشيطان للإنسان، ومن تسويل النفس الأمارة بالسوء، فكما أن عفو الله سبحانه واسع فإن عقابه شديد، وكما أنه سبحانه رحيم بعباده فإنه غيور على محارمه، وفي كثير من الآيات قرن سبحانه مغفرته بتوبة العبد من ذنوبه، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٞ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ [طه: 82]، وقرن مغفرته للذنوب بشدة عقابه للعصاة، كما في قوله تعالى: ﴿غَافِرِ ٱلذَّنۢبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوۡبِ شَدِيدِ ٱلۡعِقَابِ [غافر: 3].

وأما استبطاء الأجل، وطول الأمل فإنهما من الغرور، فكم من عاصٍ أخذه الله في ريعان شبابه، ووافر صحته، وكم من صحيح الجسم مات من غير مرضٍ، وكم من شخص فاجأه الموت في مأمنه، وهو نائم على فراشه، أو راتع في شهواته، أو مستغرق في غفلاته، كما


الشرح