وفي صفاتهم وأخلاقهم. ولكن بعض المسلمين أو
كثيرًا منهم يقول هذا الدعاء بلسانه من غير استحضار لمعناه، ومن غير التزامٍ
بمدلوله؛ ولذلك يحصل عنده من النقص في دينه والأخذ في دين المغضوب عليهم والضالين:
الشيء الكثير، تقليدًا لهم، وتشبهًا بهم، وقد حرم الله ورسوله التشبه بالكفار، قال
تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُواْ
كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾ [الحشر: 19]، وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([1]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومع أن الله قد حذرنا سبيلهم، فقضاؤه نافذ بما أخبر به رسوله مما سبق في علمه؛ حيث قال فيما أخرجاه في الصحيحين عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ»، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ؟» ([2]). وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ» فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ فَقَالَ: «وَمَنِ النَّاسُ إِلاَّ أُولَئِكَ» ([3]). فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم وهم الأعاجم، فقد كان صلى الله عليه وسلم ينهي عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء، وليس هذا إخبارًا عن جميع الأمة، بل قد تواتر عنه أنه قال: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ