بإلزامها بتعلم الهدى، والعمل به، والدعوة إليه،
والصبر على الأذى فيه، ومنعها من شهواتها المحرمة. وجهاد الشيطان يكون بتكذيب
وعده، ومعصية أمره، وارتكاب نهيه؛ فإنه يعد الأماني، ويمني الغرور، ويعد الفقر،
ويأمر بالفحشاء، وينهى عن التقوى؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ
لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ﴾ [فاطر: 6]،
والأمر باتخاذه
عدوًا، يعني استفراغ الوسع في محاربته ومجاهدته؛ لأنه عدو لا يفتر عن محاربة العبد
ليلاً ونهارًا.
· وأما جهاد العصاة وأصحاب المنكرات
فهو على ثلاث مراتب:
الأولي: باليد إذا قدر، فإن
عجز انتقل إلى اللسان، فإن عجز جاهد بالقلب بأن يبغضهم بقلبه، ويبتعد عن مخالطتهم،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا
فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ» ([1]). فالإنكار بالقلب
يجب بكل حال؛ إذ لا ضرر في فعله، ومن لم يفعله فليس بمؤمن؛ لقوله صلى الله عليه
وسلم: «وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ»، وقال: «لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ
مِنَ الإِْيمَانِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ» ([2]).
ويجب على المسلم أن يبدأ بنفسه، ثم بأهله وأولاده ومن تحت يده، فيأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، كما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (49).