الخطبة الثانية:
الحمد لله رب
العالمين، كرم بني آدم وفضلهم على كثير من مخلوقاته، بما منحهم من العقول، وسخر
لهم من منافع الكون تفضلاً منه وإحسانًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، واحذروا عدوكم، كما حذركم الله منه؛ قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ ٥ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ ٦﴾ [فاطر: 5، 6] وقال تعالى: ﴿أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ﴾ [يس: 60]. إن هذا الشيطان زين لأبيكم آدم المعصية، ودعاه إليها حتى أوقعه فيها، وحصل عليه بسببها ما حصل من الامتهان، وما زال يزين لبني آدم ويغويهم؛ قال تعالى: ﴿يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ لَا يَفۡتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ كَمَآ أَخۡرَجَ أَبَوَيۡكُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ﴾ [الأعراف: 27]. إنه يزين لبني آدم التوافه والمضار؛ ليصرفهم بها عن المنافع والحقائق، ويزين لهم الشرك، والكفر، والفسوق، والعصيان؛ ليصرفهم عن العبادة، وطاعة الرحمن، فهو دائمًا مع بني آدم في محاولات، إذا أدرك منهم الشيء الحقير تدرج بهم إلى الشيء الكبير، وإنَّ ما نراه في عالمنا اليوم من جري وراء هذه المباريات الرياضية التافهة، ما هو إلا مثال واضح لتزيين الشيطان، فهذه اللعبة أعطيت من الأهمية أكبر من حجمها، من حيث الاهتمام، والتشجيع،