الخطبة الثانية
الحمد لله رب
العالمين، يمن على من يشاء من عباده بالإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه، ومن
تبعهم بإحسان.
·
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، واعلموا أن من علامات محبة الله بغض ما يبغضه الله من الأشخاص والأعمال والأقوال؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٖ﴾ [لقمان: 18]، وقال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [آل عمران: 57]، وقال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ﴾ [البقرة: 205]. فيجب على المؤمن الذي يحب الله أن يبغض ما يبغضه الله، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾ [الممتحنة: 1] وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ﴾ [الممتحنة: 13] وقال تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ﴾ [المجادلة: 22]، فأوجب سبحانه في هذه الآيات بغض أعداء الله المحادين له الذين غضب الله عليهم من الكفار والمنافقين والمتكبرين، ولو كانوا من أقرب الأقربين. كما أوجب سبحانه على المؤمن بغض المعاصي من الكفر والفسوق والعصيان؛ لأن الله يبغضها، فيكره «أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» ([1])، كما جاء في الحديث.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (16)، ومسلم رقم (43).