وقد
أمر الله سبحانه عباده أن يختموا الأعمال الصالحات بالاستغفار،
****
الله عز وجل أمر بعبادته وطاعته وطاعة رسوله، وكلف
عباده بذلك، ووعدهم على ذلك بالثواب الجزيل والخير الكثير في الدنيا والآخرة، وهو
لم يأمرهم بالطاعة، ولم ينههم عن المعاصي لأجل التضييق عليهم، أو لأجل أن يتعبهم؛
بل لأنه بهم رؤوف رحيم سبحانه وتعالى، وإنما أمرهم بالعبادة والطاعة، ونهاهم عن
المعاصي لمصلحتهم هم؛ فهم المحتاجون إلى الله عز وجل وإلى عفوه وإحسانه، فهذا
لمصلحتهم، ومن رحمته بهم، فلم يتركهم وأهواءهم، وإنما بين لهم سبحانه وتعالى ما
ينفعهم، وأمرهم بما يصلحهم، ونهاهم عما يضرهم، وإلا فهو غني عنهم وعن عبادتهم، قال
عز وجل: ﴿وَقَالَ
مُوسَىٰٓ إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ
لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [إبراهيم:
8]، وقال: ﴿إِن
تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ
وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ﴾
[الزمر: 7]، وهذا لمصلحتهم، ومن رحمته بهم، ولما كان العبد ضعيفا، وتعترضه أشياء،
قد يحصل منه نقص في عبادة الله أو خلل في طاعة الله؛ بحكم أنه بشر، وأنه معرض
للنقص، فمن رحمته سبحانه وتعالى أنه لم يغلق دونه الباب، ولم يتركه على هذه
الحالة؛ يأتي بأعمال ناقصة، أو بأعمال باطلة، لم يتركه سبحانه وتعالى، بل شرع له
التوبة والاستغفار، ولم يعاجله بالمؤاخذة وبالعقوبة، أو يغلق بابه دونه، بل شرع له
أن يستدرك بالتوبة والاستغفار، وليس هناك أحد كامل في العبادة، لا بد من نقص،
والنقص كثير؛ فلذلك شرع الله الاستغفار بعد العبادات.