×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

وقد قال تعالى: ﴿وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِٱلۡأَسۡحَارِ [آل عمران: 17]، فأمرهم أن يقوموا بالليل ويستغفروا بالأسحار. وكذلك ختم سورة المزمل - وهي سورة قيام الليل - بقوله تعالى: ﴿وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمُۢ [المزمل: 20] .

****

  أمرهم أن يقوموا بالليل، ويستغفروا، ويختموا ذلك وقت السحر، مع أنهم على إثر عبادة، وهم يستغفرون من نقص يحصل لهم.

قال عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ ١قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا ٢ [المزمل: 1- 2] فأمره في أول الأمر أن يقوم غالب الليل، فقام صلى الله عليه وسلم، حتى تفطرت قدماه من طول القيام؛ امتثالاً لأمر ربه سبحانه وتعالى، ثم إن الله خفف في آخر السورة: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَۚ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ [المزمل: 20]؛ يعني: في قيام الليل، ﴿عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ [المزمل: 20]، هناك أصحاب أعذار يشق عليهم قيام الليل كله، ﴿وَءَاخَرُونَ يَضۡرِبُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ [المزمل: 20]؛ مسافرون ﴿يَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ [المزمل: 20] بالتجارة، يسافرون من أجل التجارة، فيشق عليهم القيام الطويل والقيام الكثير، فالله عز وجل خفف عنهم، ﴿وَءَاخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ [المزمل: 20] في الجهاد بحاجة إلى التخفيف، ﴿فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗاۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ أَجۡرٗاۚ [المزمل: 20]،﴿تَجِدُوهُ بنصب مفعولين، «هاء الغيبة» هذا المفعول الأول،﴿خَيۡرٗا هذا المفعول الثاني، و﴿هُوَ ضمير فصل، وليس مبتدأ؛ ولذلك نصب الاسم بعده: ﴿هُوَ خَيۡرٗا، ولو كان مبتدأ، لقال: هو خيرٌ؛ فهو ضمير فصل ﴿هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ أَجۡرٗاۚ [المزمل: 20]، 


الشرح