وكذلك قال في الحج: ﴿لَيۡسَ
عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡۚ فَإِذَآ أَفَضۡتُم مِّنۡ
عَرَفَٰتٖ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلۡمَشۡعَرِ ٱلۡحَرَامِۖ وَٱذۡكُرُوهُ كَمَا
هَدَىٰكُمۡ وَإِن كُنتُم مِّن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ ١٩٨ ثُمَّ
أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ
غَفُورٞ رَّحِيمٞ ١٩٩﴾ [البقرة: 198- 199] .
****
ثم
قال: ﴿وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۖ﴾ [المزمل: 20]، هذا هو الشاهد؛ أن الله أمر بعد
قيام الليل بالاستغفار، وكذلك بعد الصدقة وإيتاء الزكاة: ﴿وَٱسۡتَغۡفِرُواْ
ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمُۢ﴾
[المزمل: 20]، هذا محل الشاهد: أنه بعد العبادة، بعد صلاة الليل، والصدقة
بإخراج الزكاة، ﴿وَمَا
تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ﴾
[المزمل: 20]؛ من أي نوع من أنواع الطاعات، ﴿تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ
أَجۡرٗاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمُۢ﴾ [المزمل: 20] بعد هذه الأعمال الجليلة.
في الحج أيضًا أمر بالاستغفار مع أداء المناسك،
وهي الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، قال عز وجل: ﴿فَإِذَآ
أَفَضۡتُم مِّنۡ عَرَفَٰتٖ﴾
[البقرة: 198]؛ بعد أداء الوقوف بعرفات في اليوم التاسع، أفضتم إلى أين؟ إلى
مزدلفة، ﴿فَإِذَآ أَفَضۡتُم
مِّنۡ عَرَفَٰتٖ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ عِندَ ٱلۡمَشۡعَرِ ٱلۡحَرَامِۖ﴾ [البقرة: 198]، المشعر الحرام: هو المزدلفة،
وقيل: هو الجبل الذي في المزدلفة، اذكروه بصلاة المغرب والعشاء عند الوصول،
وبالنوم والمبيت؛ لأن المبيت بالمزدلفة عبادة ومنسك من المناسك، المبيت فيها منسك
من مناسك الحج، ثم صلاة الفجر فيها، ثم الدعاء بعد الفجر، كل هذا من ذكر الله في
المزدلفة، ثم قال: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ
مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ﴾
[البقرة: 199] قيل: المراد: أفيضوا من مزدلفة إلى مِنى، وقيل: المراد:
عطفًا على ما سبق أفيضوا من عرفة حيث