بل أنزل سبحانه وتعالى في آخر الأمر لما غزا النبي
صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، وهي آخر غزواته: ﴿لَّقَد
تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ
فِي سَاعَةِ ٱلۡعُسۡرَةِ مِنۢ بَعۡدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٖ مِّنۡهُمۡ
ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّهُۥ بِهِمۡ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ١١٧وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ
ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰٓ إِذَا ضَاقَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ
وَضَاقَتۡ عَلَيۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ وَظَنُّوٓاْ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ
إِلَّآ إِلَيۡهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡ لِيَتُوبُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ
ٱلرَّحِيمُ ١١٨ يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ ١١٩﴾ [التوبة: 117-
119] ،
****
أفاض الناس من قبل؛ إبراهيم صلى الله عليه وسلم
ومن جاء بعده؛ لأن قريشًا كانوا يقفون بالمزدلفة، ولا يخرجون إلى عرفة، و
يقولون: نحن أهل الحرم، فلا نخرج منه، ويقفون بالمزدلفة، وإنما يذهب إلى عرفة
الآفاقيون، هذا مما أحدثته قريش في الحج مخالفًا لدين إبراهيم صلى الله عليه وسلم،
فوقوفهم بالمزدلفة هذا مخالف لدين إبراهيم، ﴿ثُمَّ
أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ﴾
[البقرة: 199]؛ يعني من عرفة، و﴿ٱلنَّاسُ﴾ قيل المراد: آدم، وقيل: المراد إبراهيم صلى الله
عليه وسلم، فأرجعهم إلى الوقوف بعرفة، الذي كان هو دين الأنبياء من قبل، ﴿وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۚ
إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾
[البقرة: 199]، بعد هذه الأعمال الجليلة «الوقوف
بعرفة، والمبيت بمزدلفة» استغفروا الله، اطلبوا منه المغفرة، على إثر العبادة؛
لأنه يحصل خلل في العبادة، يحصل نقص، فيحتاج إلى الاستغفار؛ ليجبر هذا النقص.
بلغ
النبي صلى الله عليه وسلم أن الروم يريدون غزو المسلمين، فتجهز صلى الله عليه وسلم،
وأمر أصحابه بالخروج، وكان ذلك وقت الصيف وشدة الحر، والمسافة بين تبوك والمدينة بعيدة،
وفي وقت مطيب الثمار، والناس يفرحون