ومن ظن أن القدر حجة لأهل الذنوب فهو من جنس
المشركين، الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿وَتُوبُوٓاْ إِلَى
ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ [النور: 31]، وفي
صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا
إِلَى رَبِّكُمْ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ
وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» ([1]).
****
أمر بالتوبة، وهي الرجوع إلى الطاعة، الرجوع من
المعصية إلى الطاعة، هذه التوبة، والتوبة في اللغة: الرجوع والإنابة، بمعنى
التوبة، وهي الرجوع. فالمذنب والعاصي لا يقنط من رحمة الله، يتوب، ويتوب الله
عليه، ولا يقنط من رحمة الله، أو يستكثر ذنوبه، ويقنط ويظن أن الله لا يغفر له،
هذا أشد من الذنب، إذا قنطت من رحمة الله، وظنت أن الله لا يغفر، فهذا أشد من الذنب،
فالتوبة مطلوبة وممكنة، وسهلة ويسيرة، ومقبولة عند الله إذا توافرت شروطها، وهذا
من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده.
النبي صلى الله عليه وسلم مع طاعته لله وكمال عبوديته، مع هذا يستغفر الله من التقصير؛ ولأنه لا أحد يوفي حق الله من الخلق؛ حق الله عظيم، ولكنه يعفو ويسمح سبحانه وتعالى، وإلا ما أحد يؤدي حق الله، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» ([2])؛ فلا أحد يوفي حق الله، فالرسول صلى الله عليه وسلم مع كمال عبوديته يستغفر الله، ويتوب
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6307).