×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

وقد ثبت في «الصحيحين» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، قَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ المَلاَئِكَةَ، لِمَاذَا أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلاَمِهِ، وَكَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ؟، فَبِكَمْ وَجَدْت مَكْتُوبًا عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ: ﴿وَعَصَىٰٓ ءَادَمُ رَبَّهُۥ فَغَوَىٰ [طه: 121] قَالَ: بِأَرْبَعِينَ سَنَةً. [قَالَ]: فَلِمَ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» ([1])، أي: غلبه بالحجة .

****

صار الإنسان لا فائدة في أمره ونهيه، فيكون سدى، فيترك سدى، لا يحاسب، ولا يجازى؛ لأنه معذور على قولهم، مجبر ليس له اختيار.

هذا الحديث حديث عظيم، ولكن لا يفهمه أكثر الناس، ويغلطون في معناه، يزعمون أن موسى عليه السلام احتج على أبيه آدم بفعل المعصية، لماذا عصيت ربك؟ فيظنون أن موسى عليه السلام عاتب أباه على فعل المعصية، في حين أن موسى عاتبه على المصيبة التي حصلت: لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ هذه المصيبة التي حصلت بسبب المعصية، فآدم احتج بأن الإخراج من الجنة مصيبة، والقدر يحتج به على المصائب، فاحتج آدم عليه السلام على موسى عليه السلام بالقدر على المصيبة، ولم يحتج به على فعل المعصية؛ لأنه فعلها باختياره، وليس مجبرًا، وموسى يعلم هذا، وأيضًا ما يمكن أن موسى يلوم أباه آدم على معصية


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6614)، ومسلم رقم (2652).