ولو كان القدر حجة لأحد، لم يعذب الله المكذبين
للرسل؛ كقوم نوح، وعاد، وثمود، والمؤتفكات، وقوم فرعون، ولم يأمر بإقامة الحدود
على المعتدين ،
****
على
هذا الشيء، كان أجبرهم على هذا الشيء، وليس لهم اختيار، ما عاقبهم الله؛ لأن الله
لا يظلم أحدا، كيف يعاقب من ليس له اختيار، وليس له إرادة ولا مشيئة، وإنما هو
مجبر؟ تعالى الله عن ذلك! ﴿قُلۡ
هَلۡ عِندَكُم مِّنۡ عِلۡمٖ فَتُخۡرِجُوهُ لَنَآۖ﴾
[الأنعام: 148]، هل لكم حجة على ما تقولون على الله سبحانه وتعالى ؟ ﴿إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ
وَإِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَخۡرُصُونَ﴾
[الأنعام: 148]؛ ﴿إِن تَتَّبِعُونَ﴾؛ أي: ما، ﴿إِن﴾ بمعنى: ما، ما تتبعون إلاَّ الظن، والظن أكذب الحديث: ﴿إِن
يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ﴾
[النجم: 23]، ما يجوز للإنسان أن يتبع الظن، أمور العقيدة وأصول الإيمان لا بد أن
تكون على يقين، ليست على ظن ولا تخرُّص، ولا توقع.
﴿قُلۡ
فَلِلَّهِ ٱلۡحُجَّةُ ٱلۡبَٰلِغَةُۖ فَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ﴾ [الأنعام: 149]، لله الحجة البالغة عليكم، كيف تحتجون
عليه أنتم، وتقولون: الله هو الذي أجبرنا؟! الله هو الذي له الحجة البالغة؛ لأنه
أرسل الرسل، وأنزل الكتب تنهاكم عن هذا الشيء، وأنتم تقدرون، أعطاكم قدرة، تقدرون
على تركه، وتقدرون على فعل ما أمركم به، عندكم قدرة ومشيئة، أقام عليكم الحجة
سبحانه وتعالى بإرسال الرسل وإنزال الكتب.
حتى ذاقوا بأسنا، لو كان القضاء والقدر حجة
لأحد، لما أذاقهم الله بأسه وعذبهم؛ لأنهم يكونون معذورين؛ كما يقولون.
لو
كان مذهبهم صحيحًا، لما أرسل الله الرسل، وأنزل