ولا
يحتج أحدٌ بالقدرِ إلاَّ إذا كان متبعًا لهواه بغير هدًى من الله .
****
الكتب تنهى عن المعاصي والكفر والشرك؛ لأنهم
مُجْبَرون على هذا، ولا يقدرون على تركه، إذًا ما فائدة إرسال الرسل وإنزال الكتب؟
يكون هذا عبثًا، فدلَّ على أن لهم إرادة، ولهم اختيار وقدرة، وأنهم وقعوا في هذه
الأمور باختيارهم وإرادتهم، ولهذا عذب الله الأمم الكافرة: كقوم نوح، وعاد، وثمود،
والمؤتفكات، وهم قوم لوط ﴿وَٱلۡمُؤۡتَفِكَةَ أَهۡوَىٰ ٥٣ فَغَشَّىٰهَا مَا غَشَّىٰ
٥٤﴾ [النجم: 53- 54]، أهلكهم
الله، لو كانوا مجبرين على ما هم عليه وما وقعوا فيه، لما عذبهم الله سبحانه
وتعالى؛ لأن هذا يكون ظلمًا لهم، والله منزَّه عن الظلم، فهو الحكم العدل سبحانه
وتعالى، ولما أوجب الله الحدود على الزناة، والسرَّاق، وشاربي الخمور، والمرتدين،
لو كانوا مجبرين على هذا، وليس لهم قدرة، فكيف يرتب الله عليهم الحدود؟! جلد
الزاني أو رجم الزاني، أو قطع يد السارق، أو جلد شارب الخمر، كيف يعاقبهم، وهو قد
قدر ذلك عليهم، وأجبرهم؟! هو قدرها عليهم، لكن ما أجبرهم؛ لهم اختيار. الإنسان إن
شاء، أطاع الله، وإن شاء، عصى الله باختياره ومشيئته، أما لو كانوا ليس لهم اختيار
ولا قدرة، صاروا معذورين، ولذلك المجنون معذور، الصغير دون البلوغ معذور، النائم
معذور، المكره معذور؛ لأنه ليس له اختيار، مجبر على هذا الشيء، أو ليس عنده عقل
يميز به بين الحق والباطل.
ما
يحتج أحد بالقدر، ولذلك الذين يحتجون بالقدر، و يقولون: إنهم مجبرون على ما
يفعلون، إنما يتبعون أهواءهم، ليس