ومن رأى القدر حجةً لأهل الذنوب يرفع عنهم الذم
والعقاب، فعليه أن لا يذم أحدًا ولا يعاقبه إذا اعتدى عليه ؛ بل يستوي عنده ما
يوجب اللذة وما يوجب الألم ،
****
عندهم دليل: ﴿قُلۡ
هَلۡ عِندَكُم مِّنۡ عِلۡمٖ فَتُخۡرِجُوهُ لَنَآۖ﴾
[الأنعام: 148]، الذي ليس عنده علم يتبع هواه: ﴿إِن
تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَخۡرُصُونَ﴾ [الأنعام: 148]، الذي يزني إنما اتبع هواه وشهوته، الذي
يسرق إنما اتبع هواه وشهوته للسرقة، الذي يشرب الخمر إنما شربه لهواه وشهوته.
هذه
حجة مفحمة لهم أيضًا، إذا كنتم تقولون: لا لوم علينا؛ لأننا مجبرون على ما نفعل.
إذًا إذا اعتدى عليكم أحد، فلا تطالبوا بالعقوبة، لا تطالبوا بالقصاص، إذا قتل لكم
قتيل، قولوا: هذا قضاء وقدر، إذا ضربك أحد، لا تنتقم منه؛ لأن هذا قضاء وقدر ليس
باختياره، مجبر على هذا، إذا أحد أخذ مالك، لا تخاصمه على مذهبك؛ لأن هذا قضاء
وقدر مجبر عليه، فلماذا تخاصم، وتطالب بالقصاص، تطالب بالجزاء؟ هذا دليل على أن
الجاني ليس مجبرًا، ولأنك تطالب بالعقوبة، فأنت تتناقض مع نفسك، تلتمس لنفسك
العذر، ولا تلتمس العذر لغيرك، هذا لا يصلح من العقلاء، إذا كنت أنت معذور بالقضاء
والقدر - كما تقول -، فاعذر من يعتدي عليك؛ لأنه مجبور على ما فعل معك، مجبور على
هذا، فلماذا تطالب بالجزاء؟! وبهذا تفسد الدنيا، يصير الناس كالبهائم، بل أحط من
البهائم، ولا مؤاخذة ولا عقاب، ولا....، تفسد الدنيا بهذا المذهب الخبيث.
كله مُجْبر عليه.