فلا
يفرق بين من يفعل معه خيرًا وبين من يفعل معه شرًّا، وهذا ممتنع طبعًا وعقلاً
وشرعًا .
وقد قال تعالى: ﴿أَمۡ
نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ
أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ﴾ [ص: 28]، وقال
تعالى: ﴿أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ
كَٱلۡمُجۡرِمِينَ﴾ [القلم: 35] ،
****
لأنهم
كلهم مجبرون، الذي فعل معك خيرًا ليس له معروف؛ لأنه مجبر على هذا، ومن فعل معك
شرًّا غير ملوم؛ لأنه مجبر على هذا.
هذا
ممتنع في الطباع والعقول والشرع، حتى البهائم إذا اعتدي عليها، تنتقم لنفسها، أليس
كذلك؟ البهائم إذا اعتدي عليها، تدافع عن نفسها، هذا دليل على أن الأمور
بالاختيار، وليست بالإجبار.
الله
فرَّق بين الذين آمنوا وعملوا الصالحات وبين المفسدين في الأرض؛ لو كانوا مجبرين،
لما فرق الله بينهم؛ لا فرق بين من يصلي ومن يزني، لا فرق بينهما، إذا كانوا
مجبرين، الله فرق بينهم، قال عز وجل: ﴿أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ
كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ﴾، فكون الله فرق بين هؤلاء وهؤلاء؛ هؤلاء ينعمهم، وهؤلاء
يعذبهم، هذا دليل على أنهم غير مجبرين، وأن لهم اختيارًا، ومشيئة وإرادة.
﴿أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ﴾ من الكفار والمشركين، هذا استنكار منه سبحانه وتعالى
أنه لا يجعل المسلمين كالمجرمين، استنكار ونفي،