وقال تعالى: ﴿أَمْ
حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ
*﴾ [الجاثية: 21] .
****
ولا يليق بحكمته سبحانه وتعالى ذلك، فالمسلمون
يرحمهم وينعمهم، والمجرمون يعذبهم ويعاقبهم، لماذا فرق بينهم؟ لأنهم فعلوا هذا
باختيارهم، فالذي فعل الخير فعله بإرادته واختياره ورغبته، والذي فعل الشر فعله
بإرادته واختياره ورغبته، والجزاء من جنس العمل، هذا العدل من الله سبحانه وتعالى،
ولهذا قال: ﴿مَا
لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ﴾
[القلم: 36]، ما لكم؟! هذا استنكار، ﴿أَمۡ لَكُمۡ كِتَٰبٞ فِيهِ تَدۡرُسُونَ ٣٧إِنَّ لَكُمۡ فِيهِ
لَمَا تَخَيَّرُونَ ٣٨أَمۡ لَكُمۡ أَيۡمَٰنٌ عَلَيۡنَا بَٰلِغَةٌ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ
إِنَّ لَكُمۡ لَمَا تَحۡكُمُونَ ٣٩ سَلۡهُمۡ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ ٤٠﴾ [القلم: 37- 40]، من الذي تكفَّل لهم بهذه الأمور؟ فهذا
دليل على أن هناك فرقًا بين المؤمنين والكفار، والمطيعين والعصاة، وأنهم فعلوا هذه
الأمور باختيارهم ومشيئتهم وإرادتهم، لا أحد يصرفهم عن ذلك.
الآيات
في مسار واحد، كلها يصدق بعضها بعضًا، ؟! هذا للاستنكار، استفهام للاستنكار، ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ
اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾؛ أي: اكتسبوها، الاجتراح:
هو الاكتساب ﴿أَنْ نَجْعَلَهُمْ
كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾،
هذا استفهام إنكار، أي: لا نجعلهم، لا يليق بحكمة الله وعدله أن يجعل هؤلاء مثل
هؤلاء؛ إذًا لا فائدة من الأعمال، ولا فائدة من الشرائع، ولا فائدة من إرسال
الرسل، ﴿سَوَاءً
مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾،
يمكن في الدنيا أن يكون الكافر منعَّمًا، وعنده أموال وأولاد وقوة، والمؤمن يصير
فقيرًا ومريضًا،