فهذا
من صالح الأعمال، فلم يكن في ذلك شيءٌ مخالفًا شرع الله . وأما إذا أريد بالشرع
حكم الحاكم ؛
****
وَمَا
فَعَلۡتُهُۥ عَنۡ أَمۡرِيۚ ذَٰلِكَ تَأۡوِيلُ مَا لَمۡ تَسۡطِع عَّلَيۡهِ صَبۡرٗا﴾ [الكهف: 82]؛ يعني: لو ترك الجدار، ظهر الكنز، فهو بنى
الجدار ليستر الكنز ويخفيه، هذا إحسان إلى الأيتام، وليس إحسانًا إلى أهل القرية ﴿وَمَا
فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾؛
هذا من أمر الله سبحانه وتعالى.
وأما
قوله: «إحسان بلا عوض»؛
لأنه قال: ﴿لَوۡ
شِئۡتَ لَتَّخَذۡتَ عَلَيۡهِ أَجۡرٗا﴾
[الكهف: 77]؛ يعني: عوضًا، هو بناه بلا عوض.
صبر
الخضر عليه السلام على الجوع مع موسى عليه السلام؛ لأنهم لم يضيفوهما، فأحسنا إلى
الأيتام، وصبرا على الجوع.
فما كان الخضر في هذا مخالفًا شرع الله، ولهذا
قال: ﴿وَمَا
فَعَلۡتُهُۥ عَنۡ أَمۡرِيۚ ذَٰلِكَ تَأۡوِيلُ مَا لَمۡ تَسۡطِع عَّلَيۡهِ صَبۡرٗا﴾ [الكهف: 82]؛ تأويل يعني: تفسير، تفسير ما غمض على موسى
عليه السلام.
الأول: أن يراد
بالشرع ما أنزل الله سبحانه وتعالى.
والأمر الثاني: أن يراد بالشرع حكم الحاكم؛ كما عند العوام الآن قولهم: الشرع حكم لي... إلى آخره، والتعبير هذا فيه نظر؛ لأن حكم الحاكم ليس شرعًا، ولكنه اجتهاد منه؛ ولهذا كان من وصية النبي صلى الله عليه وسلم لبعض قُوَّاده: «وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ، فَلاَ تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ؛ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ أَمْ لاَ» ([1])لا تقل: هذا هو الشرع،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1731).