×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

وهذه كلمة تقتضي براءته من دينهم ولا تقتضي رضاه بذلك ؛

****

يعبد غير الله، وهناك من يعبد الله، فالرسول صلى الله عليه وسلم يعبد الله؛ امتثالاً لأمره الشرعي، وأما الكفار، فهم يعبدون غير الله، فدلَّ على أن المراد بالقضاء هنا ﴿أَلَّاتَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ [الإسراء: 23]، أنه القضاء الشرعي.

ليس معنى: ﴿لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ [الكافرون: 6]: أنه كلٌّ على حق، أنا وأنتم - كما يقوله بعض الكتَّاب اليوم -، وأن كل الناس يعبدون الله: هذا على طريق اليهود، وهذا على طريق النصارى، وهذا على طريق كذا، والمسلمون يعبدون الله؛ فكل الناس يعبدون الله، يقولون: كل الناس يعبدون الله، هذا من جنس قول الملاحدة: ﴿لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا [النحل: 35]، فلا فرق بين دين المسلمين ودين الكافرين، وليس قوله: ﴿لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ [الكافرون: 6] أنني راض عن دينكم، ومقر لكم عليه، بل معناه: البراءة، معنى السورة وهذه الآية خصوصًا: البراءة من دين المشركين، هذا معناها، وما تبرأ منه إلاَّ لأنه باطل وكفر.

رضاه بدينهم، وأن كلنا نعبد الله؛ يقولون: وإن تعددت الطرق، فكلهم يعبدون الله. نقول: لا، الله لا يُعبد إلاَّ بما شرع، ما يعبده الناس بأهوائهم ورغباتهم، إنما يعبد الله بما شرع، ومن ظن من الملاحدة أن هذا رضا منه بدين الكفار، فهو من أكذب الناس وأكفرهم؛ كمن ظن أن قوله: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ [الإسراء: 23]، بمعنى قدر، وأن الله سبحانه وتعالى ما قضى بشيء إلاَّ وقع، وجعل عبَّاد الأصنام ما عبدوا 


الشرح