×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

البعث الكوني مثل قوله: ﴿فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا، قال عز وجل: ﴿وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ [الإسراء: 4]؛ يعني: في التوراة التي معهم، ﴿وَقَضَيۡنَآ يعني: أخبرناهم، القضاء يطلق أحيانًا، ويراد به الإخبار: ﴿وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ؛ أي: أخبرناهم، ﴿لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ [الإسراء: 4]، والإفساد في الأرض: إفسادها بالمعاصي والكفر والشرك، وإصلاحها: بالطاعة والعبادة؛ فالأرض لا تصلح إلاَّ بعبادة الله سبحانه وتعالى، وأما الكفر بالله، فهو إفساد في الأرض، قال عز وجل: ﴿وَلَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَا [الأعراف: 56]، ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ [البقرة: 11]، فالإفساد في الأرض: هو النفاق، والكفر، والمعاصي، وأما الطاعة والعبادة لله، فهي إصلاح في الأرض، ﴿لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ [الإسراء: 4] بالكفر والمعاصي، يحصل منهم كفر ومعاصٍ مرتين، ﴿وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا [الإسراء: 4] يحصل منكم كبر وأشر وبطر، فعند ذلك يعاقبهم الله في المرتين، يعاقبهم الله في كل مرة على إفسادهم، وعلى كبرهم وطغيانهم، ﴿وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا ٤ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا [الإسراء: 4- 5]؛ أي أولى المرتين، وأفسدتم في الأرض، ﴿بَعَثۡنَا هذا محل الشاهد: ﴿بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ [الإسراء: 5] من الكفار؛ لأنه سبق أن كل الناس عباد الله؛ العبادة العامة، كلهم عباد الله، تنفذ فيهم أقداره وتدابيره سبحانه وتعالى،


الشرح