×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

وقال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36] .

وأما لفظ الإرسال، فقال في الإرسال الكوني: ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّآ أَرۡسَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمۡ أَزّٗا [مريم: 83]،

وقال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦۚ [الفرقان: 48]

****

 فهذا بعث كوني وبعث ديني؛ بعث الرسل، أما بعث الجبابرة والطغاة، فهذا بعث كوني؛ عقوبة، وأما البعث الديني، فهو نعمة ورحمة من الله سبحانه وتعالى. وفي الحديث: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُْمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» ([1])، يبعث يعني: هذا بعث ديني.

﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّآ أَرۡسَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمۡ أَزّٗا [مريم: 83]، هذا إرسال كوني، وليس بإرسال شرعي؛ الإرسال الشرعي هو إرسال الرسل، أما إرسال الشياطين، فهذا إرسال كوني قدري، يسلط الله الشياطين على الكافرين.

هذا إرسال كوني قدري، يرسل الرياح بشرًا بين السحاب، هناك رياح تثير السحاب، وهناك رياح تجمع السحاب، وتؤلفه، وهناك رياح تفرق السحاب، وهناك رياح تلقِّح السحاب، وهناك رياح تحمل السحاب وتسيِّره، ولذلك قال الله: «رياح» متعددة، ليست ريحًا


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4291)، والحاكم رقم (8592).