×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

وأما لفظ الجعل فقال في الكوني: ﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ [القصص: 41]، وقال في الديني: ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ [المائدة: 48]، وقال تعالى: ﴿مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ [المائدة: 103] .

****

 وجعلنا الكفار: ﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ [القصص: 41]؛ أي: قوم فرعون ﴿أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا يُنصَرُونَ [القصص: 41] «جعلنا» هذا جعل كوني؛ يعني: صَيَّرنا.

﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا [المائدة: 48]، هذا جعل شرعي ديني ﴿شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ [المائدة: 48].

﴿مَا جَعَلَ ٱللَّهُأي: ما شرع الله ﴿مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ [المائدة: 103]، هذه أنواع كان المشركون يجعلونها في بهيمة الأنعام لأصنامهم، البحيرة: هي التي تُشقُّ أذنها؛ علامة على أنها للصنم، تشق أذنها، والسائبة: هي التي لا يحمل عليها، إذا بلغت سنًّا معينا، أو أنتجت نتاجًا من الأولاد معينًا، سيّبوها للأصنام، فلا تركب، ولا تحلب، ولا تؤكل، مسيبة للأصنام، ﴿وَلَا وَصِيلَةٖ، إذا واصلت الحمل عدة مرات أيضًا، سبلوها للأصنام - والعياذ بالله -، ﴿وَلَا حَامٖ، يقولون: الفحل من الإبل إذا بلغ مبلغًا من الضراب، فإنه يحمى، ظهره حامٍ، يعني يحمى ظهره من الركوب والحمل، فسيِّبونه، ولا ينتفعون منه. هذه تصرفات من المشركين، ما أنزل الله بها من سلطان، ﴿مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ [المائدة: 103]؛ يعني ما شرع الله ذلك، وإنما هم الذين شرعوه لأنفسهم من دون الله عز وجل، 


الشرح