والمعنى أنه أمركم بما يذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرًا فمن أطاع أمره كان مطهرًا قد أذهب عنه الرجس بخلاف من عصاه .
وأما الأمر، فقال
في الأمر الكوني: ﴿إِنَّمَا قَوۡلُنَا لِشَيۡءٍ
إِذَآ أَرَدۡنَٰهُ أَن نَّقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ﴾ [النحل: 40] ،
****
فهم لا يريدون الطهارة للأمة، وإنما يريدون
الرجس للأمة -قبحهم الله-، وكفى الله المسلمين شرهم، ونساء النبي هن القدوة، إذا
كانت نساء النبي - وهن أطهر نساء على وجه الأرض - وجَّههن الله هذه التوجيهات،
فكيف بغيرهن من سائر النساء من باب أولى؟!
من أطاع أمر الله، فإن الله سبحانه وتعالى
يطهِّره من الرجس: الرجس الخلقي، والرجس الحسي. ومن عصاه، فإنه تنجس النجاسة
الحسية، والمعنوية، فلا طهارة إلاَّ بالإيمان والأخلاق الكريمة والعفة والنزاهة.
انتهينا
من الإرادة، وعرفنا أمثلة الإرادة الكونية، والإرادة الشرعية الدينية؛ الأمر منه
كوني، ومنه شرعي. لا يتأخر عن أمر الله سبحانه وتعالى، ولا يستعصي، بل إنه يكون،
ويوجد بمجرد أن يقول الله له: كن. هذا الأمر الكوني، الذي لا يتخلف مقتضاه، أما
الأمر الشرعي، فقد يتخلف مقتضاه، وقد يتحقق، أما الكوني، فلا يتخلف أبدًا: ﴿إِنَّمَآ
أَمۡرُهُۥٓ إِذَآ أَرَادَ شَيًۡٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ﴾ [يس: 82]، ﴿وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا
مُتۡرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَٰهَا
تَدۡمِيرٗا﴾ [الإسراء: 16]؛ لأن الله لا
يأمر بالفسق شرعًا، وإنما يأمر به كونًا، ويشاؤه كونًا؛ لحكمة منه سبحانه وتعالى.