الرسول وبين الشاعر،
وبين الكاهن، هؤلاء الكهان والشعراء تنزل عليهم الشياطين وأما الرسل، فتنزل عليهم
الملائكة، ﴿تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾، هذا يبين أنه ليس بقول
الرسول ابتداء، وإنما هو تنزيل من رب العالمين، والرسول قاله مبلغا، وتلاه تلاوة،
تلاه لأمته مبلغًا لهم، والكلام إنما يضاف إلى من قاله مبتدئًا، لا من قاله مبلغًا
مؤديًا، كما هي القاعدة، ﴿تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾، ثم
بين أن الرسول ليس بكذاب أيضًا، يقولون: كذاب؛ تارة يقولون: كاهن،
وتارة يقولون: شاعر، وتارة يقولن: كذاب. ﴿وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا﴾؛
يعني: لو كذب علينا، ﴿بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ﴾؛ لو تقول علينا بعض
الأقاويل، لعاقبناه أشد العقوبة، فكون الله لم يعاقبه دليل على رسالته صلى الله
عليه وسلم، وأن الله أقرَّه: ﴿وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ ٤٤
لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ ٤٥﴾؛ أي: بالقوة، أو باليد
اليمنى، ﴿ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ﴾، قتلناه شر قتلة، والوتين
هو العرق الذي في الرقبة، يجري منه الدم، إذا قطع، مات الإنسان، ﴿ثُمَّ
لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ﴾؛ قتلناه شر قتلة، ولا نمهله يكذب على الله سبحانه
وتعالى، ألم تروا أن الله قتل الكذابين على الله: قتل مسيلمة، وقتل الأسود العنسي،
وقتل المتنبئين، هل الله أمهلهم؟ لا، الله قتلهم، وقطع دابرهم، ولم يبقِ لهم
ذكرًا، أما هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الله أقره، وبقي ذكره صلى الله
عليه وسلم، وبقي هذا القرآن يتلى، هذا دليل على أنه من عند الله سبحانه وتعالى، ﴿فَمَا
مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ﴾، هل أحد يستطيع أن يمنع
الرسول إذا أراد الله قتله؟ لا أحد يستطيع، ﴿فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ﴾،
لا أحد يمنعنا من قتله والانتقام