وقال تعالى: ﴿فَذَكِّرۡ
فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ وَلَا مَجۡنُونٍ﴾ إلى قوله: ﴿إِن
كَانُواْ صَٰدِقِينَ﴾ [الطور: 29- 34] .
****
منه،.. إلى آخر الآيات، الشاهد: أن هذا
تزكية للقرآن، وأنه من الله، ونفيٌ أن يكون شعرًا، أو يكون كهانة، أو يكون كذبًا
على الله سبحانه وتعالى.
هذا
نفي لما وصفوه به: إنه كاهن، وإنه مجنون، إنه شاعر،
إنه كذاب، هذا دليل على اضطرابهم، يتخرصون؛ تارة يقولون: شاعر. وتارة
يقولون: كاهن. وتارة يقولون: كذاب. وتارة يقولون: إنه
يعلمه بشر، يعلمه بشر من أهل الكتاب يملي عليه، فقالوا: ﴿أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا﴾ [الفرقان: 5]، هو ما يكتب صلى الله عليه وسلم، لكن
اكتتبها، كتبها له هذا الإسرائيلي، وهو غلام في مكة، ﴿وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ يَقُولُونَ إِنَّمَا
يُعَلِّمُهُۥ بَشَرٞۗ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلۡحِدُونَ إِلَيۡهِ أَعۡجَمِيّٞ﴾ [النحل: 103]، هذا البشر أعجمي، وهذا القرآن عربي، فكيف
يأتي الأعجمي بهذا القرآن العربي الفصيح، وهو أعجمي؟! ﴿لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلۡحِدُونَ إِلَيۡهِ أَعۡجَمِيّٞ
وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيّٞ مُّبِينٌ﴾
[النحل: 103]، هذا يدل على كذبهم في هذا الأعجمي ما يقدر على أنه يأتي بهذا القرآن
الفصيح البليغ أبدًا، ليس هذا من لغته. ﴿فَذَكِّرۡ فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ
وَلَا مَجۡنُونٍ﴾ [الطور:
29]، هذه في سورة الطور، فذكِّر أيها الرسول، ذكِّر بما أوحى الله إليك، ولا تلتفت
إلى اتهاماتهم، ﴿فَذَكِّرۡ
فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ﴾
كما يقولون، ﴿وَلَا
مَجۡنُونٍ﴾؛ كما يقولون، هم أيضًا
مضطربون، لم يثبتوا على قول، هل المجنون يقول شعرًا؟! المجنون مجنون، لا يستطيع أن
يتكلم، هل يأتي بهذا القرآن الفصيح البليغ وهو مجنون؟!