فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحِ» عَنِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: لَمَّا وَكَّلَهُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَسَرَقَ مِنْهُ
الشَّيْطَانُ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ وَهُوَ يُمْسِكُهُ فَيَتُوبَ فَيُطْلِقَهُ،
فَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا فَعَلَ أَسِيرُك
الْبَارِحَةَ؟» فَيَقُولُ: زَعَمَ أَنَّهُ لاَ يَعُودُ. فَيَقُولُ: «كَذَبَكَ
وَإِنَّهُ سَيَعُودُ» فَلَمَّا كَانَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ قَالَ: دَعْنِي
حَتَّى أُعَلِّمَكَ مَا يَنْفَعُكَ: إذَا أَوَيْتَ إلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ
الْكُرْسِيِّ: ﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا
هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ﴾ [البقرة: 255] إلَى آخِرِهَا، فَإِنَّهُ لَنْ
يَزَالَ عَلَيْك مِنَ الله حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ،
فَلَمَّا أَخْبَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ»
وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ شَيْطَانٌ ([1]) .
****
أبو هريرة رضي الله عنه وكله النبي صلى الله عليه وسلم في حفظ التمر، تمر الزكاة كان مجموعًا ليوزع، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا هريرة أن يحرسه، فكان الشيطان يأتي، ويحثو من التمر، ويأكل منه، فيمسكه، ثم يتوب، ويعده بأنه لن يعود، والله عز وجل أطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على أمر الشيطان، فصار يسأل أبا هريرة كل مرة، في النهاية لما أمسكه، وأبى أن يطلقه حتى يأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى أنه لا مناص له، فإنه ذكر لأبي هريرة أن يقرأ آية الكرسي، فإنه إذا قرأها، لا يقربه شيطان حتى يصبح، ولا يزال عليه من الله حافظ حتى يصبح، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ»، فدلَّ على أن قراءة القرآن - ولا سيما آية الكرسي - تطرد الشيطان، فلو كانت كرامة، لزادها القرآن، القرآن يزيد الكرامة، يقويها ويثبتها، أما كونها تزول، فهذا دليل على أنها ليست كرامة، وإنما هي
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2311).