وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْهُ أَنَّهُ ذُكِرَ
لَهُ فِي مَرَضِهِ كَنِيسَةٌ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَذَكَرُوا مِنْ حُسْنِهَا
وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَقَالَ: «إنَّ أُولَئِكَ إذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ
الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيه تِلْكَ
التَّصَاوِيرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([1]).
****
اليهود والنصارى، فمن كمال نصحه صلى الله عليه
وسلم حذَّر من هذا قبل أن يموت بخمس - أي بخمس ليال - قرب وفاته صلى الله عليه
وسلم.
«أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا
الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»،
هذا نهي بعد نهي. من كان قبلكم يتخذون القبور مساجد، هذا فيه النهي عن التشبه بهم،
ثم قال: «أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا
الْقُبُورَ مَسَاجِدَ»، هذا نهي آخر تأكيد للأول، ثم قال تأكيدًا ثالثًا:
«فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»؛
تأكيدات للنهي عن البناء على قبور الأنبياء، ومن باب أولى البناء على من دونهم من
الأولياء والصالحين، إذا كانت قبور الأنبياء لا يُبنى عليها، وأن من بنى عليها،
فهو ملعون، فكيف بمن بنى على من دونهم من الأولياء والصالحين، هو ملعون أشد اللعن،
نسأل الله العافية!
والكنيسة:
هي محل عبادة اليهود والنصارى.
لما ذكرت له زوجاته اللاتي هاجرن إلى الحبشة ما رأين في أرض الحبشة - الحبشة كانوا نصارى، يبنون الكنائس -، فرأين كنيسة مزخرفة ومزينة، فيها تصاوير للمسيح وهو مصلوب بزعمهم، تصاوير للصالحين؛ كما فعل قوم نوح، الشيطان ما مات، الذي زيَّن لقوم نوح زيَّن لمن بعدهم، ولا يزال يزين، فبيَّن صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من هذا الصنيع،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (427)، ومسلم رقم (528).