«إنَّ أُولَئِكَ إذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيه تِلْكَ التَّصَاوِيرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله»؛ ملعونون، وهم شرار الخلق عند الله، في الحديث الآخر: «إنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءُ، وَاَلَّذِينَ اتَّخَذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ» ([1]) فهم شرار الخلق، وهم يعتقدون أنهم من صلاح الخلق، وأن هذا محبة للصالحين، وأن هذا ترغيب في الخير، هم شرار الخلق - والعياذ بالله -؛ لأنهم فعلوا فعلاً يبعدهم عن الله، وفعلوا فعلا يغري بالشرك، ويغرر بالناس، المساجد يجب أن تكون خالية من القبور، خالية من الصور، تقام لذكر الله وللصلاة، وعبادة الله وحده لا شريك له، هذه مساجد الله التي أمر ببنائها، ونهى عن بناء المساجد على القبور، وأخبر أنه من فعل اليهود والنصارى، وأن من فعله يستحق اللعنة، وأنه من شرار الخلق عند الله، وما أكثر المساجد المبنية اليوم على القبور! ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله! وإذا نهوا عن ذلك، قالوا: أنتم لا تحبون الصالحين، ونحن لا نعبدهم، وإنما نتوصل بهم إلى الله. كما قال المشركون: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبُِّٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [يونس: 18]، ﴿أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ﴾ [الزمر: 3]، هذه حجة الأولين، هي حجة هؤلاء.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (3844)، وابن حبان رقم (6847)، والطبراني في الكبير رقم (10413).