×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الثاني

وَفِي «الْمُوَطَّأِ» عَنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([1]) .

وَفِي «السُّنَنِ» عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ؛ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي» ([2]) .

****

«اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ»، الوثن هو: ما عُبِد من دون الله، سواء كان شجرة، أو حجرًا، أو قبرًا، أو صنمًا، كل ما عبد من دون الله يقال له: وثن، أما ما عبد من دون الله، وهو على صورة إنسان أو حيوان، هذا يقال له: الصنم، النبي صلى الله عليه وسلم دعا ربه، فقال: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» كما اتخذت القبور، فهذا دليل على أن الغلو في القبور يصيرها أوثانًا تعبد من دون الله عز وجل، وهذا في قبر الرسول الذي هو أشرف قبر، فكيف بغيره من القبور؟! ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله:

ودعا بأن لا يجعل القبر الذي **** قد ضمه وثنًا من الأوثان

فأجاب ربُّ العالمين دُعاءَهُ **** وأحاطَه بثلاثة الجُدران

حتى غدتْ أرجاؤهُ بدعائِهِ **** في عزةٍ وحمايةٍ وصيانِ

أحاط قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاثة الجدران؛ فلا يراه أحد، ولا يدخل إليه أحد أبدًا، فهذا من رحمة الله.

وهذا حديث آخر: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا»؛ يعني: لا تكرروا زيارته والسلام، لا يكرر هذا، كلما دخل المسجد، يذهب


الشرح

([1])  أخرجه: مالك رقم (85).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (2042).