وقال صلى الله عليه وسلم لابن مسعود: «اقْرَأْ
عَلَيَّ الْقُرْآنَ» فَقَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ؟ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ فَقَالَ:
«إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي»، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ
النِّسَاءِ حَتَّى انتهيت إلى هذه الآية: ﴿فَكَيۡفَ
إِذَا جِئۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةِۢ بِشَهِيدٖ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ
شَهِيدٗا﴾ [النساء: 41]، قَالَ: «حَسْبُكَ»، فَإِذَا
عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ مِنَ البُكَاءِ ([1]).
ومثل هذا السماع
هو سماع النبيين وأتباعهم، كما ذكره الله في القرآن فقال: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ
ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّۧنَ مِن ذُرِّيَّةِ
ءَادَمَ وَمِمَّنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٖ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبۡرَٰهِيمَ
وَإِسۡرَٰٓءِيلَ وَمِمَّنۡ هَدَيۡنَا وَٱجۡتَبَيۡنَآۚ إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ
ءَايَٰتُ ٱلرَّحۡمَٰنِ خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَبُكِيّٗا۩﴾ [مريم: 58] .
****
وممن استمع إليهم النبي صلى الله عليه وسلم،
وتشرفوا بسماع النبي صلى الله عليه وسلم منهم ابن مسعود رضي الله عنه، وكان متقنًا
لقراءة القرآن، فطلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليه، قال: أقرأ عليك
وعليك أنزل؟ فقال: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ
أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي»، فدلَّ هذا على فضل استماع القرآن، ﴿وَإِذَا قُرِئَ
ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، فدلَّ هذا على فضل الاستماع للقرآن.
هذا
دليل على أن الرسول وأصحابه إنما يتلذذون بالقرآن، لا بالأغاني والدفوف والمزامير،
يتلذذون بالقرآن، وذكر الله عز وجل.
لما ذكر الأنبياء في سورة مريم قال: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّۧنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٖ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡرَٰٓءِيلَ وَمِمَّنۡ هَدَيۡنَا وَٱجۡتَبَيۡنَآۚ إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُ ٱلرَّحۡمَٰنِ خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَبُكِيّٗا۩﴾، التوراة والإنجيل
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4582)، ومسلم رقم (800).