وإن استعان به على ما نهى الله عنه ورسوله كالشرك
والظلم والفواحش، استحق بذلك الذم والعقاب، فإن لم يتداركه الله تعالى بتوبة أو
حسنات ماحية وإلا كان كأمثاله من المذنبين ؛ ولهذا كثيرًا ما يعاقب أصحاب الخوارق
تارةً بسلبها، كما يعزل الملك عن ملكه، ويسلب العالم علمه، وتارة بسلب التطوعات، فينقل
من الولاية الخاصة إلى العامة ،
****
له عز وجل، وتواضعًا مع الخلق، بخلاف الخوارق
الشيطانية، فإنها تزيد الإنسان عُلُوًّا وإعجابًا بنفسه وطغيانًا.
هذا من الفوارق بين الكرامات والخوارق
الشيطانية. إذا اغتر بهذه الخارقة للعادة - اغتر بها: استعملها فيما يغضب
الله سبحانه وتعالى -، أهلكته، صارت سببًا في هلاكه، إلاَّ أن يتوب إلى الله، فإذا
تاب إلى الله، ورجع عن هذا الغرور، وهذا الإعجاب والطيش، تاب الله عليه، وصارت في
حقه نعمة. أو تكون له أعمال صالحة يمحو الله بها ما حصل منه من المخالفة؛ فإن
الأعمال الصالحة يمحو الله بها السيئات، ﴿إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّئَِّاتِۚ﴾ [هود: 114]، «وَأَتْبِعِ
السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» ([1]).
وإلا كان كأمثاله من المذنبين، يعني: تعرض للعقوبة.
يعني: إذا استعمل هذه الخارقة في الذنوب والمعاصي، فقد عرَّضها لأن تسلب منه، وتمنع منه؛ عقوبة له، أو أنها تسلب منه كمال الولاية الخاصة إلى الولاية العامة، فهذه أنقص، الولاية العامة أنقص من الولاية الخاصة. على كل حال تصرفات هذا العبد فيما أعطاه الله
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1987)، والدارمي رقم (2833)، وأحمد رقم (21354).