وقد بين صلى الله عليه وسلم، بل هو لا يملك
لنفسه نفعًا ولا ضرًّا إلاَّ ما شاء الله سبحانه وتعالى، ﴿قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ﴾ [الجن: 22]، لو أراده الله بنقمة، وما أحد يمنع الله أن
يعاقب عبده أبدًا، لا رسول ولا غير رسول.
إذا
أراد الله الانتقام من عبد، فلن يجيره أحد، ﴿وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ﴾ [الحاقة: 44]، يعني: الرسول صلى الله عليه وسلم، ﴿لَأَخَذۡنَا
مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ ٤٥ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ ٤٦﴾ [الحاقة: 45- 46]؛ يعني: لقتلناه شرَّ قِتلة، ﴿فَمَا مِنكُم
مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ﴾
[الحاقة: 47]، ما أحد يمنع الله عز وجل إذا أراد عقوبةَ عبدٍ أن يمنع العقوبة عنه.
هذا
الذي يملك الرسول صلى الله عليه وسلم، ﴿قُلۡ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا ٢١قُلۡ
إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا
٢٢إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ٢٣﴾ [الجن: 21: 23]، هذا الذي يملكه الرسول صلى الله عليه
وسلم وقد بلغ البلاغ المبين.
﴿إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن
يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا﴾ [الجن: 23]، فالمشرك والكافر له النار خالد مخلد فيها،
وأما العاصي الذي معصيته دون الشرك، فهذا تحت مشيئة الله؛ إن شاء عذبه في النار،
وإن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه في النار، ولا يخلده فيها، بل يخرج من النار، ومآله
إلى الجنة، فالآية هذه مجملة، تبينها الأدلة الأخرى: ﴿وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ
جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا﴾،
فهذه من آيات الوعيد، لا تدل على أن كل معصيةٍ كفرٌ مُخْرج من الملة كما تقوله
الخوارج.