ثم لما سمعت الجن القرآن أتوا إلى النبي صلى الله
عليه وسلم وآمنوا به، وهم جن نصيبين، كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث ابن مسعود ([1])، وروي «أَنَّهُ
قَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ إِذَا قَالَ: ﴿فَبِأَيِّ
ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: 13]، قَالُوا: وَلاَ بِشَيْءٍ مِنْ
آلائِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الحَمْدُ» ([2]) .
****
فهذا
من مجملات القرآن التي يرجع فيها، أو من المتشابه التي يرجع فيها إلى المحكم.
يفسرها الآيات الأخرى.
حتى
إذا رأى الكفار والمشركون ما يوعدون من العذاب، فسيعلمون حينذاك مَن أضعف ناصرًا
هل هو الرسول صلى الله عليه وسلم أو هم، وأقل عددًا، الرسول صلى الله عليه وسلم
معه الله عز وجل، وملائكته وعباده المؤمنون أما هؤلاء، فليس معهم إلاَّ الشياطين،
ليس معهم أحد يعينهم وينصرهم.
يعني في أرض العراق، جاءوا وسمعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي بأصحابه ويقرأ القرآن في وادي نخلة بين مكة والطائف، لما انصرف من الطائف، وأهانوه وسخروا منه صلى الله عليه وسلم، وفي رجوعه إلى مكة أدركتهم صلاة الفجر، وهم في وادي نخلة، فصلى بهم الفجر، وقرأ القرآن، فسمعت الجن هذا القرآن الذي لم يسمعوه من قبل، ولم ينزل مثله إلاَّ على موسى عليه السلام: ﴿إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ﴾ [الأحقاف: 30]، فذهبوا وبلَّغوا قومهم، فأسلموا، وجاءوا يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام؛ لأن النبي مبعوث إلى الثقلين الجن والإنس.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (450).