ولما اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم،
سَأَلُوهُ الزَّادَ لَهُمْ وَلِدَوَابِّهِمْ فَقَالَ: «لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ
اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ تَجِدُونَهُ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ
عَلَفًا لِدَوَابِّكُمْ»، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَلاَ
تَسْتَنْجُوا بِهِمَا؛ فَإِنَّهُمَا زَادٌ لِإِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ» ([1]) . وهذا النهي ثابت
عنه من وجوه متعددة، وبذلك احتج العلماء على النهي عن الاستنجاء بذلك، وقالوا:
فإذا منع من الاستنجاء بما للجن ولدوابهم، فما أعد للإنس ولدوابهم من الطعام
والعلف أولى وأحرى .
ومحمد صلى الله
عليه وسلم أرسل إلى جميع الإنس والجن، وهذا أعظم قدرا عند الله تعالى من كون الجن
سخروا لسليمان عليه السلام ؛
****
قال
صلى الله عليه وسلم: «لَلْجِنُّ أحسن
ردًّا منكم - يعني: الإنس - إذا سمعوا قول الله عز وجل: ﴿فَبِأَيِّ
ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
[الرحمن: 13] قَالُوا: وَلاَ بِشَيْءٍ مِنْ آلائِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ
الحَمْدُ».
ولذلك
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستجمار بالعظم والروث؛ لأن العظم طعام
المسلمين من الجن يكسوه الله لحمًا، والروث يجعله الله علفًا، يرده الله علفًا
لدوابهم.
إذًا
هذا يدل على أنه لا يستجمر بالطعام، ولا بعلف دواب الإنس، العلف الذي يقدم للدواب
لا يجوز لأحد أن يبول عليه أو أن يستجمر، وكذلك طعام الآدميين لا يجوز لأحد أن
يستجمر به.
سليمان عليه السلام سخرت له الجن تعمل له ما يريد؛ لأن الله أعطاه مُلكًا لا يعطيه أحدًا غيره، من ذلك أنه سخر له العفاريت والجن
([1]) أخرجه: مسلم رقم (450).