وأنزل الله تعالى بعد ذلك: ﴿قُلۡ
أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا
قُرۡءَانًا عَجَبٗا ١يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فََٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ
بِرَبِّنَآ أَحَدٗا ٢وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ
وَلَا وَلَدٗا ٣وَأَنَّهُۥ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطٗا ٤وَأَنَّا
ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا ٥وَأَنَّهُۥ
كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا
٦﴾ [الجن: 1- 6]؛ أي: «السفيه منا» في أظهر قولي
العلماء.
وقال غير واحد من
السلف: كان الرجل من الإنسان إذا نزل بالوادي قال: أعوذ بعظيم هذا الوادي من شر
سفهاء قومه، فلما استغاثت الإنس بالجن ازدادت الجن طغيانًا وكفرا ،
****
﴿يَهۡدِيٓ
إِلَى ٱلرُّشۡدِ فََٔامَنَّا بِهِۦۖ﴾
[الجن: 2]، ثم ذكروا ما عليه أقوامهم من الضلال والضياع.
فكل
هذه الآيات في إيمان الجن بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولو منهم من لم يؤمن به من
الجن.﴿سَفِيهُنَا﴾
أي: سفيه الجن.
﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ﴾ [الجن: 6]، هذا فيما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم إذا نزلوا منزلاً في البر، يستعيذون بعظيم الوادي من الجن؛ أن يكفَّ عنه سفهاء قومه، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين أن يقولوا: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» ([1]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2708).