كما قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُۥ
كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا
٦وَأَنَّهُمۡ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ أَحَدٗا ٧وَأَنَّا
لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا ٨﴾ [الجن: 6- 8] .
****
الاستعاذة نوع من أنواع العبادة؛ فلا يستعاذ
إلاَّ بالله، فمن استعاذ بغير الله، فقد أشرك، أشرك في العبادة، وكانوا في
الجاهلية لجهلهم بذلك كانوا يستعيذون بالجن، بدلاً من أن يستعيذوا بالله كانوا
يستعيذون بالجن، فكان أحدهم إذا نزل منزلاً في وادي من الأودية، قال: أعوذ بسيد
هذا الوادي من شر سفهاء قومه، وهذا شرك، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم علَّم
أصحابه وعلَّم المسلمين في أن يتركوا هذا الشرك، وَأَنَّ مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً،
فَإِنَّهُ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ
اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ»، فَإِذَا قَالَهَا، مَا يَضُرُّهُ
شَيْءٌ، مَا دَامَ فِي مَنْزِلِهِ ذَلِكَ ([1]).
لأن من استعاذ بالله، أعاذه الله عز وجل، ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ﴾ [المؤمنون: 88]، فهو يعيذ من استعاذ به، فهذا يدل على
أن الاستعاذة لا تجوز إلاَّ بالله، أو بصفة من صفات الله، وهي الكلام؛ لأن الكلام
من صفات الله سبحانه وتعالى.
فإذا استعاذ بكلام الله أو بكلمات الله التامات، فقد استعاذ بالله؛ لأن الاستعاذة بالصفة استعاذة بالموصوف، هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم الأمة في الاستعاذة، وأنزل الله عز وجل: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا﴾ [الجن: 6]؛ مثلما جاء في هذا الحديث،: أي زاد الجن الإنس رهقًا؛ أي: كبرًا وإعجابًا بأنفسهم.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2708).