فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ملئت السماء
حرسًا شديدًا وشهبا، وصارت الشهب مرصدة لهم قبل أن يسمعوا، كما قالوا: ﴿وَأَنَّا
كُنَّا نَقۡعُدُ مِنۡهَا مَقَٰعِدَ لِلسَّمۡعِۖ فَمَن يَسۡتَمِعِ ٱلۡأٓنَ يَجِدۡ
لَهُۥ شِهَابٗا رَّصَدٗا﴾ [الجن: 9]، وقال تعالى في الآية الأخرى: ﴿وَمَا
تَنَزَّلَتۡ بِهِ ٱلشَّيَٰطِينُ ٢١٠وَمَا يَنۢبَغِي لَهُمۡ وَمَا يَسۡتَطِيعُونَ ٢١١إِنَّهُمۡ
عَنِ ٱلسَّمۡعِ لَمَعۡزُولُونَ ٢١٢﴾ [الشعراء: 210- 212].
****
حرس من الملائكة وشهب من النجوم، تنفصل شظية من
النجم محرقة، فتصيب الشيطان الذي يسترق السمع، فتحرقه: ﴿إِلَّا مَنِ ٱسۡتَرَقَ ٱلسَّمۡعَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ
مُّبِينٞ﴾ [الحجر: 18].
﴿وَمَا
تَنَزَّلَتۡ بِهِ﴾ [الشعراء: 210] أي: القرآن، ما
تنزلت به الشياطين، وإنما تنزَّل به ملك، وهو جبريل عليه السلام: ﴿نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ
ٱلۡأَمِينُ ١٩٣عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤﴾ [الشعراء: 193- 194]، ما يليق بالشيطان أن ينزل بالقرآن
أو بالوحي، ولا يستطيع هذا، القرآن يحرقه ويقتله، فلا يقرب القرآن، فكيف ينزل به
كما تقول المشركون؟! كيف ينزل به على محمد صلى الله عليه وسلم ؟!
﴿إِنَّهُمۡ
عَنِ ٱلسَّمۡعِ لَمَعۡزُولُونَ﴾
[الشعراء: 212]، معزولون بالشهب والرصد الذي جعل الله في السماء، فالقرآن والوحي
محفوظ فيما بين الله وبين رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، لا دخل للشياطين فيه،
إنما الشياطين تعمل مع الكهنة، لا مع الرسل، ﴿هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ
٢٢١تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ ٢٢٢﴾
[الشعراء: 221- 222]، وهم الكهنة.