الحب. فالإنسانُ يذلُّ للجَبَابرةِ والطواغيت،
ولكنه لا يُحِبُّهم، فلا يُقال: هذه عِبادة، وكذلك الإنسانُ يُحِبُّ زوجتَه،
ويحبُّ أولادَه، ولكنَّه لا يذِلُّ لهم فلا يُقال: إنه عبَدَهم، فالعبادةُ ما اجتمعَ
فيها: غايةُ الذُّلِّ مع غايةِ الحُب، كما قالَ ابنُ القيمِ رحمه الله في النونية:
وعبادةُ الرحمنِ غايةُ حُبِّه **** مع ذُلِّ عابدِه هما
قُطْبان
وعليهما فَلَكُ العبادةِ دائر **** ما دَار حتى قامتِ
القطبان
قولُه:
«فَإِنَّ آخِرَ مرَاتِبِ الْحُبِّ هُوَ
التَّتِيمُ»: الحُبُّ درجاتٌ يصِلُ عددُها إلى عَشر؛ لأنَّ المحبةَ تَتَفاوت،
بعضُها أشدُّ من بَعض، فغايتُها وآخِرُها التَّيم، وهذا إنَّما يكونُ للهِ سبحانه
وتعالى، لأنَّ المحبةَ الكاملةَ لا تكونُ إلا للهِ عز وجل، أمَّا المحبةُ لغيرِ
اللهِ فتكونُ ناقصةً، ولا يكونُ معها ذلٌّ ولا خُضُوع.
قوله:
«يُقَالُ: تَيْمُ اللهِ أَيْ: عَبْدُ
اللهِ»: هذا اسمٌ من أسماءِ قبائلِ العرب، وأصلُ تيم اللهِ عبد الله، فتيمُ
اللهِ أي المُحِبُّ للهِ غايةَ الحُبِّ وأكْملَ الحُب، فلا يُقال: تيمُ فلان،
وإنَّما يُقال: تيمُ الله، أي: عبدُ الله.
الصفحة 2 / 397