وَقد قدمنَا أَن
من محبَّة الله تَعَالَى محبة مَا أحب، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى
الله عليه وسلم أَنه قَالَ: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ
الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا،
وَمَنْ كَانَ يُحِبُّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَمَنْ كَانَ
يَكْرَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ كَمَا
يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ»([1]). أخبر النَّبِي
صلى الله عليه وسلم أَن هَذِه الثَّلاَث من كن فيه وجد حلاوة الإِيمَان؛ لأَِن وجد
الحَلاَوَة بالشَّيْء يتبع المحبَّة لَهُ، فَمن أحب شَيْئًا أَو اشتهاه إِذا حصل
لَهُ مُرَاده فَإِنَّهُ يجد الحَلاَوَة واللذة وَالسُّرُور بذلك.
****
الرَّسُول
يُحبُّ أَصحَابه وَيخصُّ بَعضهُم بِزيادَةِ مَحبَّة لكِنَّه لَم يَتخذْ مِنهُم
خَلِيلاً.
أخْبرَ
اللهُ تَعَالى فِي آَيَات كَثيرَةٍ أَنه يُحبُّ المُؤمنين والمُتَّقينَ والمُحسِنينَ
والتَّوابينَ والمُتطهِّرِين، فَالمحَبَّة مُشتركَة، ولَكنَّ الخُلَّة بَين اللهِ
وَبينَ عَبدِه لاَ تَقبلُ الاشْترَاك.
·
غَلطُ
بَعضِ النَّاسِ فِي هَذا المَقَام:
«وَقَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ: إنَّ
مُحَمَّدًا حَبِيبُ اللهِ؛ وَإبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللهِ»؛
هَذا خَطَأ، مَع أنَّهُم يُردِّدُون مُحمَّد حَبيبُ اللهِ، وَهَذا نَقصٌ فِي حقِّ
الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فَالرسُّول صلى الله عليه وسلم خَليلُ اللهِ، أمَّا
المحَبَّة فَهي مُشترَكَة بَين المُؤمِنينَ، كُلُّهم حَبيبُ اللهِ، لَيس
لِلرَّسولِ خَاصيَّة فِيها، بِخلافِ الخُلَّة.
مَحبَّة اللهِ أصْلُ عُبودِيَّته، وَهناكَ مَحبةٌ تَابعَةٌ لِمحبَّةِ اللهِ، وَهِي المَحبَّةُ فِي اللهِ وَللهِ، فمَحَبَّة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم تَابعَةٌ لِمحبَّةِ اللهِ، وَمحبَّةُ
الصفحة 1 / 397