وَإِنَّمَا دين الْحق هُوَ تَحْقِيق الْعُبُودِيَّة
لله بِكُل وَجه،
****
فَهُمْ
يَزْعُمُونَ أنَّ المسيح هو الرَّبُّ أو الابْنُ، وأنَّه هو الَّذي جاء يُخلِّص
بني آدم من خطيئاتهم، وَصَبَرَ على القتل والصَّلب، ودُفِنَ، ثمَّ قَامَ بَعْدَ
ثلاثة أيَّام، وَصَعَدَ إلى أبيه في السَّمَاءِ. وَتِلْكَ خُرَافَاتُهُم،
وحكاياتهم، والعياذ بالله. ومثلهم الصُّوفيَّة؛ اتَّخذوا مشائخهم مشرِّعين لهم،
وَأَرْبَابًا لهم.
بيان
دين أهل الحق:
فالدِّين
الحَقُّ هُوَ دِينُ الله سبحانه وتعالى وهو عبادته وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له؛ قَالَ
تَعَالَى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ
أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ
كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ﴾
[التوبة: 33]، وقال: ﴿ذَٰلِكَ
بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَٰطِلُ
وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ﴾
[لقمان: 30].
الدِّينُ
الحَقُّ هو دِينُ الله الَّذي أنزله على رُسُلِهِ، وَأَمَرَ به عِبَادَهُ من أوَّل
الرُّسُل إلى آَخِرِهِم؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا
وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ
وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ﴾ [الشورى: 13]. هذا هو الدِّين الحَقُّ الَّذي لا
يَقْبَلُ اللهُ مِنْ أَحَدٍ سِوَاهُ، وهو دِينُ الإسلام؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ
عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ﴾
[آل عمران: 19]، وقال تعالى: ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن
يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].
الإسلام هو: الاستسلام لله بالتَّوحيد، والانقياد له بالطَّاعة والبراءة من الشِّرك وَأَهْلِهِ، وهو بهذا التَّفسير دِينُ جَمِيعِ الرُّسُلِ؛ كلُّهم جَاءُوا بأن يَسْتَسْلِمَ العَبْدُ لِرَبِّهِ، ويعمل بأوامره، ويتجنَّب نواهيه، مستسلمًا لله سبحانه وتعالى
الصفحة 1 / 397